«التربية» تتخذ خطوة إصلاحية تاريخية لمعالجة ملف الوظائف الإشرافية التعليمية عبر القرار 116

في ظل المطالبات المتواصلة من الكوادر التربوية بضرورة إنصافهم في شغل المناصب الإشرافية، اتخذت وزارة التربية خطوة إصلاحية مهمة لمعالجة أحد أقدم الملفات وأكثرها تعقيدًا في الميدان التربوي، والمتمثل في ملف الوظائف الإشرافية التعليمية، الذي ظل لسنوات طويلة عالقًا بين طموحات المرشحين ومحدودية الشواغر المتاحة.
وكشف تقرير خاص لوزارة التربية أن أصحاب الوظائف الإشرافية عانوا لفترات طويلة من طول الانتظار لتسكينهم في مواقعهم المستحقة، حيث تجاوزت مدة الانتظار في بعض التخصصات 6 إلى 7 سنوات نتيجة التزاحم على عدد محدود من المقاعد الإشرافية. وأشار التقرير إلى أن الوزارة واجهت عبر إداراتها المتعاقبة تحديات مستمرة في ظل محدودية الشواغر مقارنة بأعداد القوائم المتزايدة، ما جعل الملف من أكثر القضايا الإدارية تعقيدًا، ولم تسهم الحلول السابقة في إيجاد معالجة جذرية، ما دفع الوزارة في بعض المراحل إلى إغلاق طلبات التقديم لبعض التخصصات لتفادي تراكم قوائم الانتظار.
وفي عام 2023، أطلقت الوزارة خدمة إلكترونية عبر موقعها الرسمي تتيح للمرشحين الاطلاع على ترتيبهم في قوائم الانتظار، في خطوة لتعزيز الشفافية وتمكينهم من متابعة دورهم، إلا أن هذه المبادرة لم تحل جوهر المشكلة، إذ ظل الملف عالقًا بين آمال مؤجلة وواقع يفتقر إلى رؤية واضحة وآلية تطبيق عملية.
ومن هذا المنطلق، جاء القرار رقم 116 الذي أصدره وزير التربية المهندس سيد جلال الطبطبائي، ليضع حداً لحالة الغموض التي ظلت ترافق عملية التسكين، حيث نص القرار على وضع معايير واضحة ومسار دقيق يضمن العدالة والشفافية في شغل الوظائف الإشرافية التعليمية، ويحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين العاملين في المدارس والإدارات التعليمية.
وشمل القرار مجموعة من الضوابط التي تهدف إلى رفع كفاءة القيادات التربوية، أبرزها:
تحديد شروط وآليات شغل الوظائف الإشرافية وفق معايير تتيح للكفاءات المؤهلة تولي المناصب القيادية.
اعتماد دورات تدريبية لمدة سنتين لضمان جاهزية المتقدمين وتمكينهم من أداء مهامهم بكفاءة.
إدراج معايير حديثة تتماشى مع احتياجات الميدان التربوي الفعلية.
إتاحة الفرصة لأصحاب قوائم الانتظار لمعادلة نتائج المقابلات والاختبارات السابقة وفق ضوابط محددة تحفظ حقوقهم، مع اعتماد الخبرة الميدانية كأحد أسس المفاضلة والترقية.
وكشف التقرير أن بيانات ما قبل صدور القرار أظهرت اختلالات واضحة في منظومة التسكين، إذ بلغ عدد المنتظرات لتولي مهام الإشراف في رياض الأطفال نحو 967 متقدمة مقابل حاجة فعلية لا تتجاوز 22 وظيفة فقط، ما يعني أن فترة الانتظار قد تمتد نظريًا لأكثر من 43 عامًا إذا استمر النظام السابق. كما تراوحت فترة الانتظار في تخصصات أخرى بين 4 و20 سنة وفقًا للتخصص وعدد الشواغر المتاحة، مما أبرز غياب العدالة ومساواة الفرص بين المرشحين.
ويؤكد القرار رقم 116 على ضرورة مراجعة نظام التسكين القديم ووضع أسس جديدة للمفاضلة والتعيين قائمة على الكفاءة والاستحقاق، من خلال آلية تقييم تعتمد نتائج الاختبارات الإلكترونية والمقابلات الشخصية، لضمان العدالة والشفافية وتحقيق الاستقرار الوظيفي للكفاءات الوطنية في الميدان التربوي.



